ترجمة الشيخ الصابونابي

بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة الشيخ الصابونابي

تقع الآن منطقة الشيخ الصابونابي بولاية النيل الأزرق بالقرب من محافظة سنجه، وهذا الإسم يرجع للجد الأكبر الشيخ سليمان الصابونابي العامري الحسيني، الذى يلتقي نسبه بالإمام الحسين عليه السلام

جاء الشيخ سليمان الصابونابي إلى السودان فى عهد السلطنة الزرقاء ومكث فى أرقو (الشمالية) ثم إلى الخرطوم، وكانت له خلاوي لتدريس القرآن ومسجدا وحلقات للذكر والعلم ثم انتقل إلى سنارعاصمة السلطنة الزرقاء آنذاك

ويرجع تاريخ الشيخ سليمان الصابونابي إلى ما قبل المائتي عام عندما حضر إلى السودان من القطر المصري ومن بلد أجداده(دراو) والتي تقع فـي منطقة أسوان وبها مشهد أجداده الشيخ عامر والشيخ عمران رضي الله عنهما

وقد مكث بمدينة الخرطوم مدة من الزمن وبعد ذلك استقر به الرأي أن يسكن بالريف وقد اختار منطقة سنار عاصمة السلطنة الزرقاء حيث قابل زعيم مملكة الفونج آنذاك وطلب منه أرضا ليشيد بها مسجدا وخلوة للقرآن،

وكان حاكم الفونج (المك) قد اتخذ مصارعا قويا مقابل قضاء حوائج الناس أى بمعنى أنه كلُّ من يريد حاجةعليه أن يتصارع مع المصارع أولا فإذا تغلَّب على المصارع يُعطى ما يريد وقد ترك هذا أثرا فى نفوس سكان المنطقة وأصبحوا لا يتقدمون بطلباتهم(للمك) تفاديا للعراك مع هذا المصارع

وعندما تقدم الشيخ سليمان الصابونابي بطلبه ووجد هذا الشرط قائما وافق على مصارعة الرجل صاحب الجثة الضخمة القويّ البنية بينما كان الشيخ ضعيفاً ونحيل الجسم لأنه كان زاهداً وذاكراً فاستعان بالله عليه، وبقوة الإيمان صرعه،

فعند ذلك استجاب الحاكم لما رأي من دلالة واضحة على صلاح الشيخ وقدرته الخارقة

وقد استطاع الشيخ بعد ذلك أن ينشر الطريقة القادرية قي تلك المنطقة فأرشد عدد كبيرمن الناس وقد شاع إرشاده فـي مناطق متعددة من أنحاء السودان وقد شهد بفضله الحكام وكانوا يكنون له كل الإحترام والتقدير، فتربي على يديه الكثيرمن أبناء المسلمين فـي تلك المنطقة وظل إلي أن توفاه الله مرشدا وخادما للسنة النبوية

وقد سلك أبناءه نفس المنهج فكانوا يقومون بتزويد المريدين من الإرشاد والموعظة الحسنة

ولما جاء عهد خلافة حفيده التقي الورع الشيخ عبد الله الصابونابي والذي تتلمذ علي يد القطب والملاذ الشيخ أحمد الطيب ودالبشير ناشر الطريقة فـي السودان ، فتح عدد من الخلاوي ليدرِّس القرآن الكريم وقد كان ينفق علي الطلبة الذين يأتون لتلك الخلاوي بكل إخلاص وتفاني إلى جانب ذلك فانه كان يقيم أماكن خاصة للمأكل والمشرب لجميع المريدين والمحبين والضيوف الذين يؤمون تلك المساجد كل يوم حتى أن ضيوف الشيخ ومحبيه ومريديه وطلاب العلم كانوا يجدون كل ما تشتهيه النفس من الطعام ساعة حضورهم إلى المسيد وإلى يومنا هذا مما جعل الناس يتفاءلون فـي تلك المنطقة بزاد الشيخ عبد الله الصابونابي حتى صار تيمنا فـي الولائم يقول الناس اللهم اجعل هذا الزاد كزاد الشيخ الصابونابي

وقد أرسى الشيخ عبد الله الصابونابي قواعد مسجده حتى أصبح مضرب الأمثال فصار الناس يقدمون من كل حدب وصوب للإرشاد والتعليم وقد أرشد الشيخ عبد الله الصابونابي كثيرا من المريدين وأصبح مسجده معلماً بارزاً فـي جميع أنحاء السودان بل وفـي خارجه

وجاء بعده إبنه الأكبر الشيخ المصطفى فأنشأ بها مسجداً وخلاوي لتدريس القرآن الكريم وقد سار علي نهج والده الشهيد فأرشد عدداً كبيرا من أبناء المسلمين فـي تلك المنطقة وقد حفظ عدد كبيرمن الطلبة القرآن الكريم وقد أرشد الشيخ المصطفى كثير من المريدين وما زا ل الناس يتذاكرون ما قدمه فـي سبيل الدعوة ونشر الثقافة الإسلامية حتى انتقل إلى جوار ربه فـي عام 1311 من الهجرة

وقد تولى الخلافة بعده ابن أخيه الشيخ أحمد الصابونابي

فكان الشيخ أحمد مشهوداً له بالقناعة والزهد وكان تقياً ومتفانياً فـي حب ربه،وكان الشيخ احمد الصابونابي يميل دائما إلى التواضع والعفة فمسجده كان عامراً بالطلبة والزائرين وحلقات الذكر وكان الحكام البريطانيون الذين يسيّرون دفة الحكم فـي السودان آنذاك يزورون مسجد الشيخ الصابونابي للاستفادة من آرائه ونصائحه الصائبة ولم يزل الشيخ أحمد يسلك نهج طريق التصوف بكل صدقٍ وعزم إلى أن توفاه الله وقد دفن بالقرب من مسجده

وقد تولى الخلافة من بعده أبنه الأكبر الشيخ محمد الصابونابي

فكان خير خلف لخير سلف فقد سار علي درب أجداده لنشر طريق التصوف فـي تلك المنطقة حتى استفاد من ذلك العديد من الناس

وقد ألف الشيخ محمد أحمد الصابونابي العديد من المدائح النبوية التي لم يزل يتداولها الناس وتتناولها وسائل الإعلام كالإذاعة والتلفزيون

كما ألف الشيخ محمد أحمد الصابونابي أيضا كتبا فـي التوحيد والمواريث ومازال حريصا علي نشر طريق القوم وتربية المريدين حتى اختاره الله إلى جواره الكريم 1984م ، رحمه الله رحمة واسعة وجعل البركة في عقبه وذريته، حيث خلفه إبنه شمس الفلاح وبعد وفاته خلفه إبنه الثاني جودات أمد الله في أيامه وبارك لنا في أوقاته

وقد توسعت إدارة المسجد فـي الوقت الحالي وأصبح للمسجد زوايا عديدة ومنتشرة فـي مدن وقري متعددة ويشرف علي تلك الزوايا الشيخ الهادي الصابونابي شيخ الإرشاد شقيق الخليفة الشيخ محمد وقد كرث جهده بتدعيم تلك الزوايا بكل ما يلزم من كتب ومقالات ومواعظ وقد نهضت هذه الزوايا نهضة طيبة وبدأ الناس يلتفون حولها وقد أرسل الشيخ الهادي وفوداً إلى بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها الوثنية وخاصة قبائل الأنقسنا فبحمد الله استجاب الوثنيون إلى إرشاداته فأصبحوا يدخلون فـي دين الله أفواجا

نقلا عن موقع رايات العز ؛ بتصرف بسيط

المقال الأصلي على الرابط: http://www.rayat-alizz.com/issue11/page5.htm