مواضيع مماثلة
بحـث
المواضيع الأخيرة
من خصائص الوحي الكريم
صفحة 1 من اصل 1
من خصائص الوحي الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
خصائص الوحي الكريم
للوحي الإلهي كتابا وسنة؛ خصائص العصمة والكمال والشمول والاتزان، وصلاحيتهما لكل زمان ومكان، وخصائص أخرى يستكشفها العلماء على مر الأزمان، تؤكد صفة الإعجاز للنصوص الإسلامية، وأنها من عند الله جلت قدرته وتباركت أسمائه وتعالت صفاته سبحانه وتعالى، ونحن آخذين هنا بعضا من الخصائص الرئيسية الكبرى التي لابد للمسلم من الوقوف عليها وإدراكها ليستمد من هذا الكتاب العزيز الفهم وليكون مفتاحا له للأخذ من هذا المنهل العذب ويصبح منطلقا له لمصاحبة هذا الكتاب، والاستزادة من علومه وهداياته ، قال تعالى : (ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر) القمر، 32، 40
وإذا كانت هذه الخصائص مميزة لشقي الوحي كتاب وسنة، فلأن السنة شارحة ومبينة ومفسرة لما في الكتاب ومفصلة لمجمله ومقيدة لمطلقه فهي تابعه له في هذه الخصائص التي يمكن أن نورد أهمها فيما يلي:-
1- إلهية المصدر: وهي أخص خصائص الوحي ، إذ هو وحده المعرفة اليقينية المعصومة ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، بينما المعرفة البشرية قاصرة وناقصة لأن البشر قاصر ويخطئ ويصيب ، قال تعالى:
(وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)، فصلت، 41،42
وإذا جاز للناس أن يأخذوا مناهجهم في الحياة من معارف وضعية؛ من وضع وجهد البشر، فالأولى أخذ هذه المناهج من التعاليم الإلهية والتوجيهات النبوية.
2- الأعجاز : القرآن معجز بلفظه ومعناه والسنة معجزة بمعناها ، وللإعجاز وجوه أخرى كثيرة متعددة غير الإعجاز البلاغي كالإعجاز التشريعي والإعجاز في إخباره بالغيبيات والإعجاز العلمي في وصفه لسنن الكون وقوانين الطبيعة وسنن الاجتماع وآيات الأنفس وغيرها ، والقرآن هو المعجزة الخالدة للرسالة الإسلامية حتى يتم رفعه قرب قيام الساعة . قال تعالى:
قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرا)ً، الإسراء88)
3- العالمية: كانت الأنبياء القبلية تبعث إلى أقوامها خاصة، ولكن الرسالة الخاتمة لكل العالمين، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً)، سبأ 28
4- العروبة : نزل القرآن على لغة العرب وأساليبها في الخطاب ولا يمكن فهمه دون دراسة اللغة العربية ومعرفة مقاصدها في الخطاب من استخدام المجاز والاستعارة والتشبيهات وغيرها، قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ، يوسف2 ولقد قام الاستعمار وما يزال على محاربة اللغة العربية حتى يحول بين المسلمين وفهم كتاب الله ومعرفة أحكامه وتدبر معانيه. فليتنبه لذلك، وعلى المسلمين العمل على نشر اللغة العربية في الآفاق كجزء من واجبهم التبليغي نحو رسالة الإسلام والتوحيد
5- الخلود : القرآن لا يجوز تعديله ولا نقصه حرفا واحدا أو زيادته ، هكذا أنزله الله وتكفل بحفظه (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر آية 9
6- الهيمنة: القرآن ناسخ لكل الشرائع والديانات السابقة ومهيمن عليها (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) المائدة 48
7- الرحمة والمصلحة: جاءت الشريعة لرفع الحرج والتيسير على الناس ودفع المشقة ودرء المفسدة وتحقيق المصلحة.
قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبائث وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) ، الأعراف 157
8- موافقة الحس: الله أنعم علينا بالحواس وأمرنا باستخدامها لتحصيل المعرفة، والنصوص القرآنية لا تنكر الغرائز الطبيعية وتأمر بتلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان وفق ضوابط عادلة ومتسقة مع الفطرة السوية حيث لا رهبانية في الإسلام. قال تعالى: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا)، الحديد27
وقال تعالى: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون)، النحل78
9- موافقة العقل : لا تجميد للعقل في العقيدة الإسلامية ، فالعقل مناط التكليف ، ولكن لا يجوز تقديم العقل على الوحي كما إنه لا يجوز أن يقال أن الوحي مستغني عن العقل ، فالعقل هو أداة النظر والتفكر والتدبر في كل من الوحي والكون لإنتاج المعرفة. قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا)، الحج 46
10- التنجيم : نزل الوحي من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة واحدة ، لكنه نزل على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا ومنجما على الوقائع والأحداث طيلة مدة البعثة المحمدية ليأنس به قلب النبي صلى الله عليه وسلم وليسهل حفظه وفهمه والعمل بأحكامه. قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً، وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً)، الفرقان 32، 33
11- التدرج في الأحكام : من خصائص الوحي أنه يراعي في أحكامه الحالة التي عليها الناس؛ فلا يفجأهم ولا يروعهم بل ينزل الأحكام عليهم متدرجة ليسهل عليهم قبولها وتطبيقها، وخير مثال في هذا الأمر تحريم الخمر، فرغم إنها من الكبائر وسبب لحدوث كثير من الجرائم، إلا أن تحريمها مرَّ بأربع مراحل، لأنها كانت مستحكمة في المجتمع العربي، وكانوا يظنون أنها تعينهم على فضيلة الكرم والإنفاق، فكان أول ما نزل في ذلك تلميحا بأنها ليست من الرزق الحسن: (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا) النحل 67، ثم ترجيح أن ضررها أكبر من نفعها؛ بعد ما توجه الصحابة للسؤال عنها وذكروا أنها مذهبة للعقل مسلبة للمال، فنزلت الآية: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) البقرة219، ثم حدث أن أضطرب أحد الصحابة في قراءة القرآن بفعل الخمر، فربط التحريم بوقت الصلاة كما في الآية: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) النساء 43، ثم أتى التحريم النهائي والقاطع بعد حادثة تسببت الخمر فيها بفتنة ونزاع بين بعض الصحابة، فأنزلت الآية: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) المائدة 90، فامتنعوا عنها كلهم، وأصبحت الخمر عندهم من الكبائر التي لا يمكن لأي مؤمن مجرد التفكير فيها، فضلا عن تعاطيها ، فانظر إلى رحمة المنهج الإسلامي وأخذه الناس إلى سبيل الهداية بهذا التدرج والرفق الحكيم.
12- عمومية الأحكام وإلزاميتها : لا توجد حصانة لأحد في القوانين والأحكام الإسلامية ، والمسلم يشهد بالحق حتى على نفسه أو أقاربه، والحدود ملزمة وواجبة التطبيق على الجميع دون استثناء لأحد بحكم موقعه أو قرابته أو جنسه،
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا) ، النساء135
والقرآن بذلك يختلف عن الحضارة الغربية القائمة والغالبة اليوم وما اتسمت به من ازدواجية المعايير وتطبيق القوانين والعقوبات فقط على الضعفاء والشعوب المستضعفة، بينما تحمي الدول العظمى نفسها وحلفائها بما يسمى بحق النقض، مما جعل الظلم متفشيا والعدالة منقوصة.
13- تفرد الأسلوب : القرآن معجز في أسلوبه ، وتحدى الله به الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور من مثله ، أو بسورة واحدة من مثله، فما استطاع أحد منهم أو كلهم الإتيان بشئ من ذلك، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، والنبي صلى الله عليه وسلم أتى جوامع الكلم، فهو يجمع المعاني الكثيرة والمواعظ البليغة في كلمات معدودات، يحفظها عنه أصحابه فيبلغونها كما هي، فهو صلى الله عليه وسلم أفصح من نطق بالضاد، وأقواله في قمة البلاغة ودقة التعبير ونصاعة البيان ووضوح المعاني، وعلى ذلك يمكن إجمال أساليب الوحي في ثلاث خصائص هي :-
أ- الأسلوب التفصيلي : وأكثر ما نجده في المواضع التعبدية وما لا موضع للاجتهاد فيه كتحديد عدد الصلوات وعدد الركعات في كل صلاة وأنصبة الزكاة ووقت الصوم والفطر ومواقيت الحج وعدد الحدود والعقوبات وكيفية تطبيقها والعدد المسموح به من الزوجات والأشهر الحرم وغيرها مما هو مبين ومفصل بعدده أو بكيفيته في القرآن أو في السنة المفصلة لما أجمل في القرآن من الأحكام والعبادات والمعاملات.
ب- الأسلوب الكلي : كقوله تعالى : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) النحل 90، فالعدل والإحسان ونحوهما معان كلية متروك للعقل تحديدها حسب ضوابط الشرع ، ومن ثم سريانها على جميع تفاصيل الحياة الإسلامية، فالعدل مأمور به بين الراعي والرعية، وفي المعاملة بين الأبناء، وفي النفقة والمبيت بين الزوجات، وفي توزيع الثروات بين الشعوب، وفرص العمل والترقيات، وفي الفصل والقضاء، وغير ذلك مما لا يمكن حصره مما يؤيد صلاحية الوحي لكل زمان ومكان لاحتوائه على قواعد كلية يمكن الانطلاق منها لتغطية معظم جوانب الحياة، مع مرونة في القوالب والكيفيات.
ج- الأسلوب المقصدي : وهو ما يمكن أن يعبر عنه بروح الشرع ، أو الحكمة من مشروعية الأحكام ، أو المقاصد العامة التي يتوخاها الشرع ويهدف إليها فيما يصدر عنه من أحكام كحكم تنفيذ القصاص مثلا فهو يهدف إلى حفظ النفس لأن القاتل إذا علم أنه سوف يقتل قصاصا عن المقتول لامتنع عن فعل جريمته ، قال تعالى : ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) البقرة 179 ، وهكذا درس علماؤنا المتقدمون هذا الموضوع وجمعوا علل الأحكام وأسبابها فوجدوا إجمالا أن نصوص الشريعة الإسلامية كلها تخدم خمسة مقاصد كلية هي :- 1- حفظ الدين. 2- حفظ النفس. 3- حفظ العقل. 4- حفظ النسل. 5- حفظ المال.
ومنهم من زاد على ذلك ولكن ليس هذا موضع تفصيله إذ أن هنالك علم خاص أفرد بالتصنيف أسمه علم المقاصد صنف فيه جملة من العلماء لتوضيح المقاصد العامة للشريعة الإسلامية.
14- العمق وبعد الغور : فكلما أزداد فيه العقل تفكرا كلما انفتحت له في القرآن آفاق جديدة في الفهم لم تخطر له على بال قبل ذلك ، كما جاء في الحديث الشريف : (لا يشبع منه العلماء ولا يملَّه الأتقياء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه) سنن الترمذي ، فتنكشف عجائبه على قدر القرائح والفهوم ويبقى ما فوق ذلك ليدركه من هو أوفر عقلا وأكثر فهما وإدراكا.
15- العظم والقوة : وصف الله القرآن بأنه قرآن مجيد وعظيم وكتاب كريم ، وغيره من الألفاظ التي تدل على العظمة ، وأنه لو كان هناك كتاب تسير به الجبال ، وتقطع به الأرض ، أو يكلم به الموتى ، لكان هذا القرآن دون سواه ، كما جاء في سورة الإسراء آية 68 (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا) ، يقول بن كثير في تفسير هذه الآية : أي لو كان في الكتب الماضية كتاب تسير به الجبال من أماكنها أو تقطع به الأرض وتنشق أو تكلم به الموتى لكان هذا القرآن هو المتصف بذلك دون غيره.
16- شموله للعلوم : قال تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شئ ) الأنعام 38، وقال تعالى : ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) النحل89، مما يدل على أن هذا الكتاب شامل لكافة حاجات الإنسان الدنيوية والأخروية سواء على الجملة أو التفصيل ، فعن سيدنا علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عله وسلم يقول : ( ستكون فتن كقطع الليل المظلم ، قلت : يا رسول الله وما المخرج منها؟ قال : كتاب الله تبارك وتعالى فيه نبأ من قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ) سنن الترمذي ، ويقول ابن كثير : إن القرآن قد اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق وعلم ما سيأتي وكل حلال وحرام ، وما الناس إلا محتاجون إليه في أمر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم.
17- صلاحيته لكل زمان ومكان : العبرة في القرآن بعموم اللفظ وليس بخصوصية السبب ، بمعنى أن الآيات القرآنية لا تقتصر على أولئك الذين نزلت في حقهم ، بل تتعداهم إلى كل من انطبقت فيهم هذه الصفات في كل زمان وفي أي مكان فخطاب القرآن عام لأنه أنزل إلى الناس جميعا وهو ناسخ لكل ما سبقه من الكتب السماوية وخاتم للرسالات ، قال تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم : (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شئ عليما) الأحزاب 40
18- توحيد الآراء وجمع الشمل : يقول النبي صلى الله عليه وسلم في وصف القرآن : ( وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا تتشعب معه الآراء ) سنن الترمذي ، ولذلك فإن اختلاف علماء الإسلام هو اختلاف تنوع لا اختلاف تعارض، مما يجعل اختلافهم رحمة للأمة، وكل يأخذ بما تيسر له من الأحكام والفتاوى، فمن يأخذ بالعزمات أو من يأخذ بالرخص والتيسير، فكل على حق لأن الأحكام ترد كلها إلى أصل واحد ثابت لا يتغير ولا يختلف عليه، هو كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بينما المعرفة الغربية رغم أن أصلها واحد وهو المنهج المادي إلا أنهم ينقسمون إلى مدارس شتى متعارضة ومتضاربة ومتصارعة، وحتى مجتمعاتهم انقسمت إلى مجتمعات رأسمالية وأخرى اشتراكية وبينها ما بينها من الحروبات والخصومات. تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى. بينما تدعو العقيدة الإسلامية للتجمع ولزوم الجماعة وأن يد الله مع الجماعة، وإجماع الأمة فتوى.سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
حسب الرسول الطيب الشيخ، نقلا عن كتاب مصادر المعرفة الاسلامية؛ بتصرف
خصائص الوحي الكريم
للوحي الإلهي كتابا وسنة؛ خصائص العصمة والكمال والشمول والاتزان، وصلاحيتهما لكل زمان ومكان، وخصائص أخرى يستكشفها العلماء على مر الأزمان، تؤكد صفة الإعجاز للنصوص الإسلامية، وأنها من عند الله جلت قدرته وتباركت أسمائه وتعالت صفاته سبحانه وتعالى، ونحن آخذين هنا بعضا من الخصائص الرئيسية الكبرى التي لابد للمسلم من الوقوف عليها وإدراكها ليستمد من هذا الكتاب العزيز الفهم وليكون مفتاحا له للأخذ من هذا المنهل العذب ويصبح منطلقا له لمصاحبة هذا الكتاب، والاستزادة من علومه وهداياته ، قال تعالى : (ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر) القمر، 32، 40
وإذا كانت هذه الخصائص مميزة لشقي الوحي كتاب وسنة، فلأن السنة شارحة ومبينة ومفسرة لما في الكتاب ومفصلة لمجمله ومقيدة لمطلقه فهي تابعه له في هذه الخصائص التي يمكن أن نورد أهمها فيما يلي:-
1- إلهية المصدر: وهي أخص خصائص الوحي ، إذ هو وحده المعرفة اليقينية المعصومة ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، بينما المعرفة البشرية قاصرة وناقصة لأن البشر قاصر ويخطئ ويصيب ، قال تعالى:
(وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)، فصلت، 41،42
وإذا جاز للناس أن يأخذوا مناهجهم في الحياة من معارف وضعية؛ من وضع وجهد البشر، فالأولى أخذ هذه المناهج من التعاليم الإلهية والتوجيهات النبوية.
2- الأعجاز : القرآن معجز بلفظه ومعناه والسنة معجزة بمعناها ، وللإعجاز وجوه أخرى كثيرة متعددة غير الإعجاز البلاغي كالإعجاز التشريعي والإعجاز في إخباره بالغيبيات والإعجاز العلمي في وصفه لسنن الكون وقوانين الطبيعة وسنن الاجتماع وآيات الأنفس وغيرها ، والقرآن هو المعجزة الخالدة للرسالة الإسلامية حتى يتم رفعه قرب قيام الساعة . قال تعالى:
قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرا)ً، الإسراء88)
3- العالمية: كانت الأنبياء القبلية تبعث إلى أقوامها خاصة، ولكن الرسالة الخاتمة لكل العالمين، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً)، سبأ 28
4- العروبة : نزل القرآن على لغة العرب وأساليبها في الخطاب ولا يمكن فهمه دون دراسة اللغة العربية ومعرفة مقاصدها في الخطاب من استخدام المجاز والاستعارة والتشبيهات وغيرها، قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ، يوسف2 ولقد قام الاستعمار وما يزال على محاربة اللغة العربية حتى يحول بين المسلمين وفهم كتاب الله ومعرفة أحكامه وتدبر معانيه. فليتنبه لذلك، وعلى المسلمين العمل على نشر اللغة العربية في الآفاق كجزء من واجبهم التبليغي نحو رسالة الإسلام والتوحيد
5- الخلود : القرآن لا يجوز تعديله ولا نقصه حرفا واحدا أو زيادته ، هكذا أنزله الله وتكفل بحفظه (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر آية 9
6- الهيمنة: القرآن ناسخ لكل الشرائع والديانات السابقة ومهيمن عليها (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) المائدة 48
7- الرحمة والمصلحة: جاءت الشريعة لرفع الحرج والتيسير على الناس ودفع المشقة ودرء المفسدة وتحقيق المصلحة.
قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبائث وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) ، الأعراف 157
8- موافقة الحس: الله أنعم علينا بالحواس وأمرنا باستخدامها لتحصيل المعرفة، والنصوص القرآنية لا تنكر الغرائز الطبيعية وتأمر بتلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان وفق ضوابط عادلة ومتسقة مع الفطرة السوية حيث لا رهبانية في الإسلام. قال تعالى: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا)، الحديد27
وقال تعالى: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون)، النحل78
9- موافقة العقل : لا تجميد للعقل في العقيدة الإسلامية ، فالعقل مناط التكليف ، ولكن لا يجوز تقديم العقل على الوحي كما إنه لا يجوز أن يقال أن الوحي مستغني عن العقل ، فالعقل هو أداة النظر والتفكر والتدبر في كل من الوحي والكون لإنتاج المعرفة. قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا)، الحج 46
10- التنجيم : نزل الوحي من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة واحدة ، لكنه نزل على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا ومنجما على الوقائع والأحداث طيلة مدة البعثة المحمدية ليأنس به قلب النبي صلى الله عليه وسلم وليسهل حفظه وفهمه والعمل بأحكامه. قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً، وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً)، الفرقان 32، 33
11- التدرج في الأحكام : من خصائص الوحي أنه يراعي في أحكامه الحالة التي عليها الناس؛ فلا يفجأهم ولا يروعهم بل ينزل الأحكام عليهم متدرجة ليسهل عليهم قبولها وتطبيقها، وخير مثال في هذا الأمر تحريم الخمر، فرغم إنها من الكبائر وسبب لحدوث كثير من الجرائم، إلا أن تحريمها مرَّ بأربع مراحل، لأنها كانت مستحكمة في المجتمع العربي، وكانوا يظنون أنها تعينهم على فضيلة الكرم والإنفاق، فكان أول ما نزل في ذلك تلميحا بأنها ليست من الرزق الحسن: (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا) النحل 67، ثم ترجيح أن ضررها أكبر من نفعها؛ بعد ما توجه الصحابة للسؤال عنها وذكروا أنها مذهبة للعقل مسلبة للمال، فنزلت الآية: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) البقرة219، ثم حدث أن أضطرب أحد الصحابة في قراءة القرآن بفعل الخمر، فربط التحريم بوقت الصلاة كما في الآية: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) النساء 43، ثم أتى التحريم النهائي والقاطع بعد حادثة تسببت الخمر فيها بفتنة ونزاع بين بعض الصحابة، فأنزلت الآية: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) المائدة 90، فامتنعوا عنها كلهم، وأصبحت الخمر عندهم من الكبائر التي لا يمكن لأي مؤمن مجرد التفكير فيها، فضلا عن تعاطيها ، فانظر إلى رحمة المنهج الإسلامي وأخذه الناس إلى سبيل الهداية بهذا التدرج والرفق الحكيم.
12- عمومية الأحكام وإلزاميتها : لا توجد حصانة لأحد في القوانين والأحكام الإسلامية ، والمسلم يشهد بالحق حتى على نفسه أو أقاربه، والحدود ملزمة وواجبة التطبيق على الجميع دون استثناء لأحد بحكم موقعه أو قرابته أو جنسه،
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا) ، النساء135
والقرآن بذلك يختلف عن الحضارة الغربية القائمة والغالبة اليوم وما اتسمت به من ازدواجية المعايير وتطبيق القوانين والعقوبات فقط على الضعفاء والشعوب المستضعفة، بينما تحمي الدول العظمى نفسها وحلفائها بما يسمى بحق النقض، مما جعل الظلم متفشيا والعدالة منقوصة.
13- تفرد الأسلوب : القرآن معجز في أسلوبه ، وتحدى الله به الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور من مثله ، أو بسورة واحدة من مثله، فما استطاع أحد منهم أو كلهم الإتيان بشئ من ذلك، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، والنبي صلى الله عليه وسلم أتى جوامع الكلم، فهو يجمع المعاني الكثيرة والمواعظ البليغة في كلمات معدودات، يحفظها عنه أصحابه فيبلغونها كما هي، فهو صلى الله عليه وسلم أفصح من نطق بالضاد، وأقواله في قمة البلاغة ودقة التعبير ونصاعة البيان ووضوح المعاني، وعلى ذلك يمكن إجمال أساليب الوحي في ثلاث خصائص هي :-
أ- الأسلوب التفصيلي : وأكثر ما نجده في المواضع التعبدية وما لا موضع للاجتهاد فيه كتحديد عدد الصلوات وعدد الركعات في كل صلاة وأنصبة الزكاة ووقت الصوم والفطر ومواقيت الحج وعدد الحدود والعقوبات وكيفية تطبيقها والعدد المسموح به من الزوجات والأشهر الحرم وغيرها مما هو مبين ومفصل بعدده أو بكيفيته في القرآن أو في السنة المفصلة لما أجمل في القرآن من الأحكام والعبادات والمعاملات.
ب- الأسلوب الكلي : كقوله تعالى : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) النحل 90، فالعدل والإحسان ونحوهما معان كلية متروك للعقل تحديدها حسب ضوابط الشرع ، ومن ثم سريانها على جميع تفاصيل الحياة الإسلامية، فالعدل مأمور به بين الراعي والرعية، وفي المعاملة بين الأبناء، وفي النفقة والمبيت بين الزوجات، وفي توزيع الثروات بين الشعوب، وفرص العمل والترقيات، وفي الفصل والقضاء، وغير ذلك مما لا يمكن حصره مما يؤيد صلاحية الوحي لكل زمان ومكان لاحتوائه على قواعد كلية يمكن الانطلاق منها لتغطية معظم جوانب الحياة، مع مرونة في القوالب والكيفيات.
ج- الأسلوب المقصدي : وهو ما يمكن أن يعبر عنه بروح الشرع ، أو الحكمة من مشروعية الأحكام ، أو المقاصد العامة التي يتوخاها الشرع ويهدف إليها فيما يصدر عنه من أحكام كحكم تنفيذ القصاص مثلا فهو يهدف إلى حفظ النفس لأن القاتل إذا علم أنه سوف يقتل قصاصا عن المقتول لامتنع عن فعل جريمته ، قال تعالى : ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) البقرة 179 ، وهكذا درس علماؤنا المتقدمون هذا الموضوع وجمعوا علل الأحكام وأسبابها فوجدوا إجمالا أن نصوص الشريعة الإسلامية كلها تخدم خمسة مقاصد كلية هي :- 1- حفظ الدين. 2- حفظ النفس. 3- حفظ العقل. 4- حفظ النسل. 5- حفظ المال.
ومنهم من زاد على ذلك ولكن ليس هذا موضع تفصيله إذ أن هنالك علم خاص أفرد بالتصنيف أسمه علم المقاصد صنف فيه جملة من العلماء لتوضيح المقاصد العامة للشريعة الإسلامية.
14- العمق وبعد الغور : فكلما أزداد فيه العقل تفكرا كلما انفتحت له في القرآن آفاق جديدة في الفهم لم تخطر له على بال قبل ذلك ، كما جاء في الحديث الشريف : (لا يشبع منه العلماء ولا يملَّه الأتقياء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه) سنن الترمذي ، فتنكشف عجائبه على قدر القرائح والفهوم ويبقى ما فوق ذلك ليدركه من هو أوفر عقلا وأكثر فهما وإدراكا.
15- العظم والقوة : وصف الله القرآن بأنه قرآن مجيد وعظيم وكتاب كريم ، وغيره من الألفاظ التي تدل على العظمة ، وأنه لو كان هناك كتاب تسير به الجبال ، وتقطع به الأرض ، أو يكلم به الموتى ، لكان هذا القرآن دون سواه ، كما جاء في سورة الإسراء آية 68 (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا) ، يقول بن كثير في تفسير هذه الآية : أي لو كان في الكتب الماضية كتاب تسير به الجبال من أماكنها أو تقطع به الأرض وتنشق أو تكلم به الموتى لكان هذا القرآن هو المتصف بذلك دون غيره.
16- شموله للعلوم : قال تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شئ ) الأنعام 38، وقال تعالى : ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) النحل89، مما يدل على أن هذا الكتاب شامل لكافة حاجات الإنسان الدنيوية والأخروية سواء على الجملة أو التفصيل ، فعن سيدنا علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عله وسلم يقول : ( ستكون فتن كقطع الليل المظلم ، قلت : يا رسول الله وما المخرج منها؟ قال : كتاب الله تبارك وتعالى فيه نبأ من قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ) سنن الترمذي ، ويقول ابن كثير : إن القرآن قد اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق وعلم ما سيأتي وكل حلال وحرام ، وما الناس إلا محتاجون إليه في أمر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم.
17- صلاحيته لكل زمان ومكان : العبرة في القرآن بعموم اللفظ وليس بخصوصية السبب ، بمعنى أن الآيات القرآنية لا تقتصر على أولئك الذين نزلت في حقهم ، بل تتعداهم إلى كل من انطبقت فيهم هذه الصفات في كل زمان وفي أي مكان فخطاب القرآن عام لأنه أنزل إلى الناس جميعا وهو ناسخ لكل ما سبقه من الكتب السماوية وخاتم للرسالات ، قال تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم : (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شئ عليما) الأحزاب 40
18- توحيد الآراء وجمع الشمل : يقول النبي صلى الله عليه وسلم في وصف القرآن : ( وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا تتشعب معه الآراء ) سنن الترمذي ، ولذلك فإن اختلاف علماء الإسلام هو اختلاف تنوع لا اختلاف تعارض، مما يجعل اختلافهم رحمة للأمة، وكل يأخذ بما تيسر له من الأحكام والفتاوى، فمن يأخذ بالعزمات أو من يأخذ بالرخص والتيسير، فكل على حق لأن الأحكام ترد كلها إلى أصل واحد ثابت لا يتغير ولا يختلف عليه، هو كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بينما المعرفة الغربية رغم أن أصلها واحد وهو المنهج المادي إلا أنهم ينقسمون إلى مدارس شتى متعارضة ومتضاربة ومتصارعة، وحتى مجتمعاتهم انقسمت إلى مجتمعات رأسمالية وأخرى اشتراكية وبينها ما بينها من الحروبات والخصومات. تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى. بينما تدعو العقيدة الإسلامية للتجمع ولزوم الجماعة وأن يد الله مع الجماعة، وإجماع الأمة فتوى.سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
حسب الرسول الطيب الشيخ، نقلا عن كتاب مصادر المعرفة الاسلامية؛ بتصرف
ودبدر- عدد المساهمات : 45
نقاط : 133
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/06/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين أكتوبر 26, 2015 5:34 am من طرف خدام الجناب المحمدي
» الليل أغطش لوضوك في الطش
الإثنين أكتوبر 26, 2015 5:24 am من طرف خدام الجناب المحمدي
» أدب المديح النبوي في السودان
السبت يوليو 04, 2015 2:12 am من طرف حافظكو
» ادب المديح النبوي
السبت يوليو 04, 2015 2:10 am من طرف حافظكو
» ﻟَﻴْﺲَ ﺍﻟﻐَﺮﻳﺐُ ﻏَﺮﻳﺐَ ﺍﻟﺸَّﺄﻡِ ﻭﺍﻟﻴَﻤَﻦِ
الثلاثاء يونيو 23, 2015 4:45 am من طرف خدام الجناب المحمدي
» من وصايا الشيخ المكاشفي
الثلاثاء يونيو 23, 2015 4:41 am من طرف خدام الجناب المحمدي
» البحر المدير الكون؛ أستاذنا الرشيد مأمون
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:44 am من طرف ابوزينب الشيخ
» مرادي الصادق المأمون ازورو وعندو أكون مضمون
الأحد يناير 25, 2015 6:23 am من طرف خدام الجناب المحمدي
» نشيدة الشيخ المكاشفي في الشيخ الكباشي
الأحد يناير 25, 2015 6:13 am من طرف خدام الجناب المحمدي